القدر

0
وأنا في إبتدائي.. دخل مدرس علينا الفصل وقال: دلوقتي هنختار ٣ منكم علشان يمثلوا المدرسة في مسابقة «أوائل الطلبة» وطبعاً دول هيبقى ليهم مميزات عن باقي زمايلهم وهيسافروا وهنديهم شهادات تقدير.. كنت متأكد إني هكون واحد من التلاتة.. أنا شاطر واستاهل الاختيار ده.. لدرجة إني حضرت شنطتي وشيلت الكتب وكنت جاهز أول لما ينادوا اسمي علشان اخرج والفصل كله يقعد يصقف.. لكن ساعتها المدرس اختار ٣ أطفال غيري.. والفصل برضه قعد يصقف.. ومشيوا.. ورجع الفصل لحالته الطبيعية ، لكن أنا مرجعتش... كنت حاسس بغضب وذهول في نفس الوقت.. أكيد في حاجه غلط.. إزاي ما اختارونيش!!.. أنا اللي استحق الاختيار ده.. كنت رافض اللي حصل لدرجة إني فضلت سايب حاجتي جوه الشنطة وكأني هاخرج في وقت من الأوقات.. هيرجعوا وهينادوا على اسمي.. وفعلاً.. بعدها بدقايق.. سمعت صوت بره باب الفصل اللي عيني مانزلتش من عليه.. صوت كل ما يقرب دقات قلبي تزيد.. دخل المدرس تاني واعتذر إن فيه غلطة حصلت.. وإن فيه طالب كمان محتاجينه.. أيوة هو دا «رد الاعتبار» اللي أنا مستنيه.. لكن المدرس اختار طالب رابع.. برضو مش أنا.. وبرضو الفصل قعد يصقف.. ومشيوا ورجع الفصل تاني لحالته الطبيعية.. لكن المره دي أنا كمان رجعت.. واستسلمت لفكرة إني «فاشل».. زي كل الفاشلين اللي محدش اختارهم.. او إني موهوم وفاكر نفسي حاجة.. وأنا أصلًا «ولا حاجة».. دقايق قليلة قدرت تخليني أغير رأيي من شخص كان واثق أنه أشطر واحد في الفصل لشخص موهوم أو فاشل..

أكون تلميذ عادي زي الباقيين.. لدرجة إني حاولت أقنع نفسي إن كده «أريح».. إيه اللي يخليني عايز أبقى مميز وأفضل طول الوقت محطوط في ضغط إذا كانوا هيختاروني ولا لأ.. كل ده علشان ما وقعش عليا الاختيار.. دقايق قليلة قدرت تخليني أفكر أستغنى عن كل أحلامي.. الغريب إن المدرس رجع لتالت مرة.. ابتسم.. وبصلي بصة «استنكار».. وقالي: أنت مستنى إيه كل ده؟ يلا جهز شنطتك بسرعة علشان إتأخرنا.. كتمت الفرحة.. زي ما كتمت الوجع.. كانت لحظه سخيفة.. بطيئة.. كبريائي كان بيقولي ماتخرجش.. وغروري كان بيقولي أخرج أحسن ما تفضل مع الباقيين!!.. صوت جوايا رجع وقالي «اقتنعت إنك تستحق؟» وصوت تاني «طب ليه مكنش من الأول!!».. ارتبكت.. وخرجت.. بس اللحظة ماكنتش زي مانا عايز.. حتى الفصل ساعتها مصقفش *** لما كبرت.. عرفت إن المدرس ده هو «القدر» «القدر» بيفضل يداعبنا كده طول حياتنا.. يداعبنا.. حلم مستنينه أو فرصة شغل حلوة.. أو نتيجة سنين تعب.. أو حتى في اختيار نِفسنا فيه.. عرفت كمان إنه ممكن يختارني من أول مرة.. وممكن «يعتذر» ويصلح الغلطة ويختارني في تاني مرة.. وممكن يتأخر كتير لغاية لما الاختيار يفقد «قيمته».. *** اللي اتعلمته.. هو إننا هنفضل نستنى لحظة «الاختيار».. دقايق.. شهور.. وسنين.. المهم أوعى تستغنى عن أحلامك .. حافظ على مستوى شغلك .. لغاية ماتيجي لحظة الاختيار

لا يوجد تعليقات

أضف تعليق

الأحصائيات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

مواضعنا علي مدار السنة